شبهة : تحريض عمار بن ياسر
المؤرخون إعتمدوا في نسبة هذه الافتراءات إلى عمار ( على روايات لم تسلم إحداها من الطعن في صحة أسانيدها أو في استقامة متونها، وتتنوع التهم المنسوبة إلى الصحابي عمار ) في تحريكه لأمر الفتنة، وتحريضه على عثمان بن عفان ، وسعيه للتمرد عليه،
فمنها ما يذكر من إرسال عثمان بن عفان { إلى مصر لاستجلاء ما يقع فيها مما نقل إليه عن تمرد العوام هنالك، وأن السبئيين استطاعوا استقطاب عمار والتأثير عليه}.
وهذا الخبر الذي يرويه الطبري في كتابه (تاريخ الطبري (5/348). استشهاد عثمان ووقعة الجمل، ص 30 ) فيه شعيب بن إبراهيم التميمي الكوفي راوية كتب سيف، فيه جهال،
وأخبر عنه الراوي : ليس بالمعروف وله أحاديث وأخباربها بعض الإنكار، وفيها ما فيها من تحامل على السلف.
ورواه عمر بن شبة في تاريخ المدينة وفيه شيخ عمر: علي بن عاصم،
وقال عنه ابن المديني : كان على بن عاصم كثير الغلط ، وإذا رد عليه لم يرجع، وكان معروفا في الحديث، ويروي أحاديث منكرة (سير أعلام النبلاء (9/253).المصدر نفسه (9/255) )،
وقال عنه يحيى بن معين : ليس بشيء ، وقال : كذاب ليس بشيء (المصدر نفسه (9/257). المصدر نفسه (9/255).),
وقال النسائي : متروك الحديث رقم (1817)،
وقال البخاري في صحيحه : ليس بالقوي ، يتكلمون فيه.( المصدر نفسه (9/255) تقريب التهذيب ص403)
وهنالك من تلطف بالكلام عليه وقال عنه ابن حج ر: صدوق يخطئ ، ورمي بالتشيع (1819).
مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن يعقوب بْن شيبة، قَالَ عنه : حَدَّثَنَا جدي ، قَالَ : سمعت علي بْن عاصم على اختلاف أصحابنا فيه ، منهم من أنكر عليه كثرة الخطأ والغلط، ومنهم من أنكر عليه تماديه فِي ذلك ، وتركه الرجوع عما يخالفه الناس فيه، ولجاجته فيه ، وثباته على الخطأ، ومنهم من تكلم فِي سوء حفظه ، واشتباه الأمر عليه فِي بعض ما حدث به من سوء ضبطه، وتوانيه عَن تصحيح ما كتب الوراقون له، .
(تاريخ بغداد ج 13 ص 407 )
وخبرٌ هذا حال إسناده لا يمكن الاطمئنان إليه حيث ما عرف عن عمار من الورع الذي يربأ به عن الانغماس في مثل هاته الأوحال, التي ما عهدنا مرتادا لها إلا سبئيا يهوديا ، ومعاذ الله أن يصل الحال بصحابي من صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى هذا المستوى المتدني ،
وقال خالد الغيث : دلك الخبر يعارضه ما ثبت من عدالة الصحابة رضوان الله عليهم ، هذا فضلا عن عدم وروده من طريق صحيح
(استشهاد عثمان ووقعة الجمل، ص86 ).
ومن الروايات المكدوبة الباطلة في هذا الباب ما نسب إلى سعيد بن المسيب ، وفيها أن الصحابة بمجملهم نقموا على عثمان ( مع من نقم، وحنقوا عليه، وخاصة أبا ذر وابن مسعود وعمار بن ياسر(تاريخ دمشق ص144 (39/415)، عمار بن ياسر، ) رضي الله عنهم أجمعين.
في هانه الرواية تدليسًا ليس من النوع الممكن إقراره والتجاوز عنه ، فقد أسقط منها راوٍ متهم بالوضع والكذب وهو إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله ،
ولذلك جاء تضعيف علماء الحديث لهذه الرواية ، وبيان زيفها عند ترجمتهم لمحمد بن عيسى بن سميع راوي الخبر عن ابن أبي ذئب،
يقول الإمام البخاري عن ابن سميع : يقال إنه لم يسمع من ابن أبي ذئب هذا الحديث بثاثا ، يعني حديثه عن الزهري في مقتل عثمان رضي الله عنه .
وقال ابن حبان:ابن سميع لم يسمع حديثه من ابن أبي ذئب ، في حين سمعه من إسماعيل ابن يحيى ، فدلس عنه.
فقال الحاكم: أبو محمد روى عن ابن أبي ذئب حديثا منكرا وهو حديث مقتل عثمان،
وقيل : كان في كتابه عن إسماعيل بن يحيى عن ابن أبي ذئب فأسقطه ، وإسماعيل ذاهب الحديث.( تحقيق مواقف الصحابة (2/16-18)، التاريخ الكبير للبخاري (1/203)، التهذيب (9/391)، تهذيب التهذيب (9/392) )
ويقول الدكتور يوسف العش:
هاته الرواية المنسوبة إلى سعيد بن المسيب يجب استبعادها ، فهي موضوعة بعد التحري ، فقد نص الحاكم النيسابوري أن أحد رجال سندها قد أسقط من السند رجلا واهيا، وأنها منكرة ، والواقع أنها لا تنبئ عن الاحترام الذي يكنه سعيد بن المسيب للصحابة في أقواله الأخرى الصحيحة.
(الدولة الأموية (39) البخاري، رقم (3743). ).